بواسطة Mada Admin | 30 سبتمبر 2013

مدى الكرمل يراجع كتاب " أسرى بلا حراب" ويكشف عن خبايا معسكرات الاعتقال الإسرائيلية الأولى

عُقدت في مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة في حيفا، في نهاية الاسبوع الماضي ندوة لمراجعة كتاب "أسرى بلا حراب - المعتقلون الفلسطينيون والمعتقلات الإسرائيلية الأولى 1949-1948". الكتاب من تأليف البروفيسور مصطفى كبها والكاتب الصحفي وديع عواودة، ومن إصدار مؤسسة الدراسات الفلسطينية- بيروت. وهو يتناول اعتقال نحو عشرة آلاف شاب من المدن والقرى الفلسطينية في 1948- 1949 لفترات تراوحت بين ثلاثة شهور وبين عام في معتقلات الرملة،تل ليتفينسكي،أم خالد،إجليل،صرفند وعتليت وغيرها. بموجب الكتاب الذي استند لأرشيفات الجيش والصليب الأحمر الدولي والروايات الشفوية فإن هؤلاء اعتقلوا من بلداتهم ونقلوا بحافلات للمعتقلات وبقوا طيلة الأيام الثلاثة الأولى بلا طعام ويتعرضون للذل والضرب وقد أجبر الكثير منهم على العمل بالسخرة في معسكرات الجيش وتفريغ منازل المدن والقرى المهجرة من محتوياتها.

افتتحت الندوة السيّدة أريج صباغ-خوري من مدى الكرمل، مُعرّفةً عن بروفيسور مصطفى كبها وعن إصدارته العديدة في مجاليّ التاريخ الفلسطيني الحديث وتاريخ الصحافة العربية. من بعدها استهل بروفيسور كبها مداخلته بالحديث عن التغييب البحثي لموضوع الأسرى في القرى والمدن الفلسطينية التي احتُلت أو سُلِمّت في عاميّ 1948 و1949. من ثم شرح عن المعتقلات وأورد بعض القصص التي تضمنها الكتاب من شهادات المعتقلين واستعرض المصادر التي اعتمدها الكتاب كأرشيف الجيش الإسرائيلي وأرشيف منظمة الهاجاناة وأرشيف منظمة الصليب الأحمر الدولية ، هذا عوضاً عن بعض كتب التراجم الذاتية والمذكرات . وعن منهجية البحث أشار البروفيسور كبها إلى أن المؤلفين اعتمدا على طريق  المزج بين المادة الأرشيفية وبين الروايات الشفوية ،  وفيما يتعلق بالمقابلات الشفوية فقد مرت بعملية معالجة علمية ومهنية حسب آلية " الجرح والتعديل .

وقد تطرق البروفيسور كبها إلى المساهمة الكبيرة لهذا الكتاب في بحث قضايا مهمة تخص نكبة وحرب عامي 1948 -1949 والفترة التي تلتها كقضايا التهجير  والبقاء وقضية الانهيار المفاجئ للمجتمع المدني الفلسطيني  وكذلك قضايا تخصص بدايات تشكل الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل من النواحي السياسية والاجتماعية والحياتية ، منوها أنه ليس هناك ثمة رواية فلسطينية متكاملة عن هذه القضايا .

أما الكاتب الصحفي وديع عواودة فقد تحدث عن أهمية الرواية الشفوية كمصدر في كتابة التاريخ خاصة الفلسطيني ولاستعادة مكانتها في العالم اليوم مقارنة الأرشيفات والمصادر المكتوبة التي لم يعتبرها  "كتابا مقدسا منزلا"،  لافتا لوجود ملحق خاص بالشهادات كاملةً وآخر يتضمن لائحة لكل أسماء المعتقلين مستقاة من أرشيف جيش الإحتلال الإسرائيلي وتابع" يستبطن الملحقان كنزا تاريخيا بالإمكان الإفادة منه مستقبلا". وأضاف عواودة "الهدف الرئيسي لاعتقال آلاف الأسرى بلا حراب  يكمن برغبة الدولة الحديثة تحييد البقية الباقية من الفلسطينيين وتطويعهم بالصدمة والترويع  وأساليب سيكولوجية تقوم على الحرمان والجوع والإذلال والترهيب.وتابع" من هذه الناحية لا يستطيع المرء سماع الشهادات المرعبة دون أن تقفز لذاكرته تداعيات من الكارثة والممارسات النازية في معسكرات التركيز".

 منوها أن "إسرائيل كانت قد احتلت وتفوقت عسكرياً ولم تكن مسألة الاعتقال مسألة أمنية، خاصة أن أغلب من اعتقلوا لم يكونوا من حملة السلاح، ومن هنا يستمد الكتاب اسمه". وأنهى مداخلته بذكر المعاناه الإنسانية والبكاء والحزن لأصحاب الشهادات مستعرضاً بعض القصص التي سمعها والدموع التي ذرفت خلال الشهادات المختلفة مشدداً على قوة حضور هذه الأحداث في ذاكرة من مروا بها.

أما د. عادل مناع، من معهد فان لير، بدأ بمباركة المؤلفين على صدور الكتاب الجديد الذي يتعرض لأهم حدث في تاريخ فلسطين الحديث: النكبة، وقال " لا يمكن فصل موضوع الأسرى عن موضوع النكبة".

في سياق قرائته النقدية أشار  د. مناع  لضرورة توضيح الهدف الجوهري من الكتاب الذي يشمل قسما بحثيا وآخر  توثيقيا. واقترح إضافة " خارطة طريق " للكتاب تستعرض تسلسل أحداث حرب 48  لتسهيل الرواية على القارئ. وأكد د. مناع على أهمية الشهادات الشفوية والتجربة الشخصية  مع أن هناك بعض الكتب التي كان من الممكن استعمالها ولم تستعمل . النقطة الأخيرة كانت أن الكتاب لم يميز بين الأسرى "المتسللين" (العائدين إلى بيوتهم في فلسطين بعد إعلان إستقلال إسرائيل) وبين آخرين كانوا في بيتوهم، أو بين أسرى عصبة التحرر (الحزب الشيوعي) واناس غير ناشطين حزبياً. وفي نهاية حديثه أكد د. مناع على المساهمة الكبيرة لهذا البحث  والفائدة الجمة التي يمكن أن يجنيها منه الباحثون على المستويين البحثي والتوثيقي .

السيدة أريج صباغ-خوري تحدثت عن تجربتها كقارئة للكتاب وأثنت على قدرة المؤلفين على التحمل لهذا الكم من الشهادات المؤلمة "هذا الكتاب هو كنز للرواية الفلسطينية التاريخية، خاصة أن الكتاب يتطرق جندرياً لجانب عُتم طويلاً وهي معاناة الرجال في النكبة، حيث يتربط الحديث عادة عن النكبة ودور الرجال بالبطولة". واضافت السيدة صباغ-خوري، مستعرضةً بعض القصص :"انصح من يريد قراءة الكتاب أن يتزود بطاقات نفسية كبيرة لإستعاب الذل والسحق والإهانة الذي تعرضوا له الأسرى". وانهت موضحةً الفرق بين الأسرى الذي تحول عدد منهم إلى معتقلين، وهم الذين اعتقلوا من قرى لم تهجر، وآخرون تحولوا إلى أسرى حرب ممن هجرت قراهم.

تطرق البروفيسور كبها للنقاط التي أثارها د. مناع مستهلاً بأن الكتاب يشمل قسمين، قسم بحثي وقسم توثيقي. وأن الشهادة أوردت كما هي مع ملاحظات في الهوامش، وأجاب على الأسئلة المختلفة التي طرحها د. مناع. من بعده أضاف السيد عواودة بعض التوضيحات وأجاب عن اسئلة اخرى طرحها د. مناع لافتا لضرورة إنصاف الأسرى الشيوعيين وعدم الاكتفاء بالإشارة لمعاملتهم الخاصة من قبل قيادة السجون وعلاقاتهم الجيدة مع بعض السجانين من أتباع " مبام" منوها لدورهم في تعبئة وتنظيم الأسرى.

الجمهور طرح العديد من الأسئلة مثل سكوت الفلسطينيين على تجربة الأسرى وعدم تناولها في بحث هام باللغة العربية طيلة 65 عاماً لدور الصدمة وآثارها، بالإضافة لتأثير هذه المعتقلات على النفسية الفلسطينية حيث أن هذا الكتاب هو الأول باللغة العربية الذي يطرح هذا الموضوع، وسؤال حول موضوع التنظيم والتحركات والتقسيمات في الحياة داخل الأسر، ومن هم الذين اعتبروا اسرى كالأسرى في سجن مغلق أو مفتوح ومقارنات مع ما يجري من اعتقالات في القدس.

 

الاكثر قراءة